بسم الله الرحمن الرحيم
القنوات المشفرة هي مجموعة من القنوات التي يتم الإعلان عنها هذه الايام، الموضوع وما فيه أن إعلانات هذه القنوات التي كي تشاهدها لابد أن تدفع ثمن اشتراك شهري أو سنوي تعدك فيه ببرامج وأفلام تملك حق مشاهدتها حصريا قبل الجميع، والحق أني لست أعرف ما الهام في هذا الأمر، والمضحك أنها تصور لك المشهد على أن هذا المسلسل أو ذلك الفيلم كأنه الحياة بالنسبة لك وأنك إذا فاتتك مشاهدته سوف يفوتك نصف عمرك إن لم يكن عمرك بأكمله.
إلي هذا الحد الأمر عادي، ولكن ما يثير الاستغراب هو لماذا كل هذا العدد الهائل من اعلانات القنوات المشفرة على شاشات القنوات الغير مشفرة؟ ما الداعي إلي كل تلك الحملة الإعلانية عن حزمة برامج ومسلسلات علي قنوات لن يشاهدها في الغالب من يشاهد إعلاناتها ما الفكرة؟ ما الهدف؟ ما الداعي؟ هل هو خطأ من صناع الإعلان ومن يروجون إليه؟
في الحقيقة لا، الأمر ما هو إلا لعبة تجارية لعبة الربح والخسارة، الإعلانات المكثفة عن القنوات المشفرة التي تعرض على القنوات الفضائية غير المشفرة المسماة مجانية ليس هدفها أن تعرف الناس بأهم البرامج الموجودة بهذه القنوات ولا حتى أن تقوم بالاشتراك فيها، رواد هذه القنوات يعرفون حقيقة هامة مفادها:
أن أكثر من يشاهدون هذه الاعلانات والذين يمتلكون وقت الفراغ لمشاهدة هذه البرامج والمسلسلات المعلن عنها لا يشاهدونها لأنهم لا يمتلكون ثمن حق الاشتراك ومن يمتلكون ذلك الحق غير مهتمين بالمرة بتلك القنوات بل يشتركون فيها من باب الوجاهة الاجتماعية لا أكثر. لذا هم يعلمون جيدا أن قلة قليلة من المشاهدين من يمتلكون القدرة على شراء امتلاك حق المشاهدة الحصرية.
والمضحك في الأمر أن هذه الفئة القليلة غير مهتمة بمشاهدة بالتلفاز بأكمله، ولكنها مهتمة بأن تحصل على الأشياء الحصرية والتي لن يحصل عليها عدد كبير من الناس، يحبون أن يشعروا أنهم يمتلكون ما أراد أن يمتلكه أغلب الناس، هذا ما يلعب عليه صناع الإعلانات لتلك القنوات. الأمر ببساطة هي أن الشخص الذي لا يملك حق الاشتراك سيري الإعلانات فيتأثر بها وينبهر بها ويريد الحصول عليها ولن يستطع ذلك فيأتي هنا الميزة الوهمية لمن سيحصل على ما لم يستطع الحصول عليه غيره، كل هذا حتى يستطيع أن يشاهد حلقة من مسلسله المفضل قبل الآخرين بيومين فقط.
أدرك أن يومين في هذا العالم المتسارع وقت كبير ولكن أن يجعل هذا منك شخص استهلاكي مدمن القنوات الترفيهية وتحب أن يعطوك ما لا يعطوه الآخرين فهذه ليست بمتعة حقيقية لك بأن تشعر أنك امتلكت ما لم يمتلكه أغلب الناس والذين هم في شوق أن يمتلكونه، غير مدرك أن صناع إعلانات تلك القنوات ضحكوا عليك وعلى الآخرين واستغلوا الطرفين:
الأول الذين يشاهدون الإعلانات من دون القنوات بأنهم لن يحصلون على الميزة الوهمية بمشاهدة تلك القنوات وهي ليست في الحقيقة بميزة ويجعلهم هذا في حالة إحباط وضيق لعدم حصولهم على شئ هيئ لهم بالكذب أنه شئ أساسي في حياتهم، والثاني الذين سوف يمتلكون القنوات دون مشاهدتها ولا مشاهدة الإعلانات بل مع عدم مشاهدة التلفاز بأكمله فقط لأنهم يرون أن كل ميزتهم تتخلص في أن لا يصبحوا مثل النوع الأول ويكتشفوا بعد تفكير عميق أنه بحسب وجهة النظر تلك أن لا أحد منهم مميز بل هو تحقيق المصلحة بضربكم ببعضكم البعض.
المسألة ليست مسألة غني وفقير، بل هي عملية تجارية بحتة من حق تلك القنوات أن تعلن عن قنواتها وتعطي حق الاشتراك لمن يوافق شروطها هذا أمر يتعلق بالربح المادي ليس لأحد دخل به ولكن أن يتم هذا باستغلال الطرفين سواء من لا يملك حق المشاهدة أو من يملكها هذا أمر مرفوض، فإن لم تري العين الحدث لن تتأثر والعكس هو المطلوب أن تقوم بالتحسر على ما يفوتك ولا تستطيع أن تطوله، من وضع في عقلك هذه الأفكار الغير الحقيقية؟ ثم من قال أن ما يريده الناس في الغالب هو الأفضل؟
الميزة هي أن تعرف الفئة المستهدفة وتصمم لها برامج خاصة تناسب احتياجاتها ليس أن تستغل ثقافة القطيع ثم تقول لبعض ممن تراهم من القطيع بالوهم أنهم أفضل من غيرهم وأنهم مميزون حتي يغرقونك بالمال ليتحولوا إلي قطيع يتم استغفاله بماله وما الفرق إذن بين الذي يتم استغفاله بماله والذي يتم استغفاله بأحلامه؟ هي دائرة مفرغة تلف وتدور بلا توقف. والعاقل من يعرف جيدا ماذا يريد ويرفض أن يسمح لأحد أن يأخذه إلي طريق غير الطريق الذي اختاره لنفسه.
تعليقات
إرسال تعليق
يسعدني أن تضع تعليقك هنا حتي أسمع صوتك بحق