بسم الله الرحمن الرحيم
في عز هذه التقلبات الجوية التي تحدث مؤخرا بقدوم موسم فصل الشتاء، يفضل الكثيرون من العاملين في الوظائف المختلفة بالدولة أخذ ذلك اليوم إجازة والبقاء بالبيت، نظرا لصعوبة الخروج في هذا اليوم، لكن هناك عدد من الفئات التي تخرج في مثل هذا اليوم لكسب قوت يومها وذلك لأن عدم قيامهم بالعمل لن يغطي نفقاتهم الشخصية لا لهم ولا لأسرهم، ففي مقابل من ينامون في بيوتهم مساءا هناك من يبيتون ليلهم في الشوارع سعيا وراء لقمة العيش.
هذا يؤكد على احترامنا لأولئك الشباب الذين يسعون وراء فرص العمل بلا كلل ولا ملل، يبحثون عن طرق حتي يصبح لديهم أموالهم الخاصة ولا يثقلون الأهل بما فوق طاقتهم، حتى أنهم يعملون في الأعمال الاستهلاكية منها أكثر من الأعمال المنتجة، وليس هذا تقليل منهم ابدا، بل التأكيد على قول أن هذا ليس انصاف في حقهم، إن للشباب جموح يملأ الدنيا يحتاج لمن يوجهه ويخرج طاقته الكبيرة في الإنتاج ليس في مزيد من الاستهلاك، يحق للشاب أن يكون صانع قرار ليس مجرد باحث عن لقمة العيش والتي قد لا يجدها إلا بصعوبة.
وان كان هناك بعض الصعوبات التي تصنع رجالا، هناك أيضا المعوقات التي لا هدف لها إلا التعطيل من مشوار أي شاب، قد تكون معوقات اجتماعية واقتصادية وتعليمية ... وغيرها، صحيح أنه من يرد العمل يسعى بكل طاقته للتخلص منها ولكن هذا يتطلب وقت وجهد كان من الممكن تفاديها فقط بمن هو مستيقظ لأهمية أن يدعم ولا يُحبط، هؤلاء الأشخاص يحتاجون لمزيد من الاهتمام بهم فعلا، أن الأعمال تتوقف على المنتجون.
وهناك كادحون آخرون، يكدحون ليس لأجل لقمة العيش بل لأجل وطنهم المحتل من كيان مستبد ظالم، هم صامدون ومستميتون فيه، ذلك لأن لديهم عقيدة قوية ومتينة مؤمنون بها، ويدفعون الثمن لهذا الإيمان من أرواحهم وأرواح أبنائهم والذين منهم الأطفال بل وحتى الرضع، يكدحون كل يوم في انتظار الأمل بأن يصبح وطنهم ملك لهم كما هو الحال، هذا كدح من نوع آخر بل هو كفاح امتد لأكثر من 75 عام ولم ييأس قومهم من روح (الله) عز وجل تنفيذا للأمر الإلهي (وَلَا تَيْئَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)" سورة يوسف: آية(٨٧)".
إن قضية فلسطين ليست قضيتها وحدها ولا قضية الدول العربية بل هي قضية العالم أجمع، هي التي جعلتنا نفتح أعيننا علي الواقع الأليم الذي أصبحنا نعيشه، عن القيم التي نسيناها أو تناسيناها، عن حقوق الجيرة، عن معنى أن تكون على الفطرة (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)" سورة الروم: آية (30)".
كل الذي يحدث الآن سيذهب، حتى أن هذه الدنيا فانية وهذه معلومة لا تغيب عن أحد، حتى وإن لم يصدقها كل أحد، فالذي سيبقى هو الأثر الذي تركناه لأولادنا من بعدنا وما قدمناه اليوم لنقابل به (ربنا) جل جلاله غدا يوم الحساب في الآخرة (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)"سورة الشعراء".
والحديث عن جدلية الصراع بين الحق والباطل، بين مشككون في تحقق النصر، بين من هم يسألون أين (الله) أو سألوه من قبل، أم يتذكرونه الآن، وهناك المستوثقون أن نصر (الله) آت لا محالة ولكن حين يأتي سيعرف كل منا في أي فريق هو، كما قال (ربنا الله) "سبحانه وتعالي" (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾"سورة الشعراء: آية (٢٢٧ )".
وختاما لأجمل ختام أردد بعزة كلام الحبيب (صلوات الله وسلامه عليه)
تعليقات
إرسال تعليق
يسعدني أن تضع تعليقك هنا حتي أسمع صوتك بحق