جمال الجوهر

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ مدة زمنية ليست بالقصيرة كنت أفهم جملة (جمال الجوهر) بشكل خاطئ حتى اكتسبت  صفة الحكم على الآخرين، فهناك إمرأة تريد أن تضع بودرة لتفتيح الوجه، أو أخري تريد إرتداء الكورسيه لتأخذ شكل خصر أنحف، أو من ترتدي الكعب العالي حتي تزداد طولا وغيرها من استخدامات الحيل التجميلية التي تملأ مواقع المرأة على الانترنت.

والسؤال هو من أنا لكي أحكم عليهن؟ وما الذي أعرفه عنهن حتى يعطيني الحق في إصدار حكم ما على شخصيتهن؟ عندما قمت بمراجعة نفسي عرفت كم كنت مخطئة بتفكيري فعذرت وسامحت، وأول من عذرتها هي نفسي لأني كالآخرين لدي عيوب مثلهم وقد لا أمتلك القدرة على إظهارها للعلن، كما أن هناك بعض العيوب التي لن تستطيع إخفاؤها مهما فعلت.

وأعترف أنني كنت في صراع طويل مع نفسي بين أن أحافظ على جمال الجوهر لدي وأن أظهر بمظهر جميل أمام الآخرين حتى إن لم يكن هو شكلي الأصيل، فهناك أشخاص قادرون على التكيف مع المظهر الخاص بهم سواء كان طبيعيا أم لا؟ وهناك من يتعاملون معه كأنه جزء أساسي من شخصيتهم، ولكن في حالة عدم التكيف مع الأمر تكون النتائج السلبية على الإنسان من أسوأ ما يكون في كافة المستويات نفسيا وجسديا واجتماعيا.

كما أنه قد تستخدم بعض من تلك الحيل السابقة لإخفاء العيوب، فمثلا قد لا يمكنك الخروج من دون مزيل العرق، والاستخدام اليومي لأحمر شفاه حتي لا تتعرض للجفاف، و الكحل لإبراز العين بالرغم من أنه يسيل عليها بسهولة، وأحيانا قليلة عندما تشعر أن الوجه شاحب تضع بعض من بودرة الخدود لإعطائها اللون ليس أكثر بالرغم من عدم الحاجة الفعلية لذلك ولكن تأثر الإنسان بالمجتمع المحيط به يدفعه لفعل تلك الأمور.

وتلعب الثقة بالنفس دور خطير في هذا الأمر، فكلما كانت الثقة بالنفس لدى الإنسان عالية كلما قل اهتمامه بصورة المجتمع وأراد أن يكون على طبيعته والعكس صحيح، فليس عيب استخدام بعض من أدوات التجميل لتجعل من شكلنا أفضل ولكن ليس لأننا نشعر من غيرها أن مظهرنا سئ، هناك فرق كبير ما بين الأمرين ففي الحالة الثانية مهما فعلت لن يتغير الأمر لأنك من داخلك تشعر بالسوء عن نفسك. 

لذا عليك أن تجد السلام الداخلي مع نفسك وأن تحبها بحق حتى إذا ما قررت استخدام أدوات التجميل يكون الأمر كإضافة لشخص جميل بالجوهر قبل المظهر، وكما العادة أقول أنت صاحب القرار.