بسم الله الرحمن الرحيم
كانت هناك قصة في إحدي برامج أو مسلسلات الأطفال قديما بطولة وتمثيل أبو بكر عزت وطفلة لا أتذكر اسمها الآن، كانت تحكي الحكاية عن أن طفلة صغيرة وجدت عملة أثرية وفرحت بها كثيرا فرآها رجل كبير في السن (أبو بكر عزت) وأراد أن يشتريها منها، وقال لها أنها عملة أثرية عليها نقوشات قيمة جدا وأنه سيدفع لها أموال طائلة نظير شرائه لها، فاندهشت الطفلة من اهتمام الرجل بعملة قديمة خاصة وأنها كانت صدئة ومظهرها متسخ ولكنها وعدته على أي حال أن تبيعه إياها ولكن بعد أن يعطيها مهلة قصيرة لتفكر في كيفية إتمام الأمر.
وخطرت على عقل الطفلة الصغيرة القليلة الخبرة فكرة ألا وهي أن تنظف العملة وتتخلص من الصدأ الذي يغطيها وترجعها لامعة وبراقة مرة أخري، وقالت في سرها إن كان هذا المشتري سيدفع لها الكثير من المال في هذه العملة بمظهرها القديم فبالتأكيد سيدفع لها أموال أكثر عندما يجدها بحُلة جديدة، وبالفعل قامت الطفلة بالعمل بهمة ونشاط، وفرحت كثيرا بالنتيجة المطلوبة وجاء موعد بيع العملة حيث يمكنها أن تجني مال وفير أكثر مما كانت تتوقع من ذي قبل.
لكن ما حدث لم يكن على البال ولا الخاطر، فعندما قدمت الطفلة العملة البراقة للرجل المشتري قال لها لا أرغب في شرائها فما عدت تلزمني وهي على حالتها الجديدة، فاندهشت الفتاة بقوة وسألته: كيف كنت مستعد أن تدفع لي أموال طائلة في عملة قديمة صدئة والآن لا تريد دفع أي شئ مقابل عملة جديدة نظيفة وبراقة؟ رد عليها المشتري قائلا: هذا لأن تلك العملة القديمة الصدئة في نظرك كانت تحتوي على نقوش بالغة الأهمية قيمتها تزداد بمرور الوقت، وأنتِ عندما قمت بتنظيفها محوت آثار هذه النقوش، فما عاد لها الآن أي أهمية بل أصبحت مجرد عملة معدنية عادية بلا قيمة مثلها مثل الأخريات.
الدرس المستفاد من هذه القصة هو أن ليس كل قديم يعتبر مهمل وبلا قيمة ولا كل جديد يصبح أصلي ويستحق الاهتمام، فأحيانا كثيرة يجعلك القديم ترى الأمور بشكل أوضح بكثير هذا لأنه يحوي بداخله الخبرات والتجارب السابقة التي يجب أن نتعلم منها ونستفيد قدر الإمكان، وبالمقابل يكون الجديد الحديث والعصري في أوقات معينة ما هو إلا إزالة ومحو لكل ما هو قيم و أصيل داخل غلاف خارجي براق يغري الآخرين.
لذلك لا تسمح للجديد أن يمحو الأصالة الموجودة في أعماق شخصيتك، كما من الضروري ألا تسمح للقديم أن يعيقك عن التكيف مع مجريات العصر، فأردنا أم لم نرد هو عصرنا وعلينا أن نعيشه ومن سيتخلف عنه سيتم نسيانه للأبد، فإذا كنت تمتلك القيمة بداخلك وقمت بتغليفها بالغلاف التي تستحقه حينئذ كن ذو إصرار ومثابرة علي أن تظهر هذا للعالم بأكمله ولا تدع أحد يخبرك بعكس ذلك أو يمنعك من تحقيقه، حتي تؤكد علي أن كل ما هو أصيل وفي نفس الوقت لم يتغافل عن أهمية الحداثة والعصرية هو وحده فقط من يستحق النجاح والانتشار لأنه يعد الإنسان بخصائصه الفريدة التي خلقه (الله) عز وجل عليها وسيظل هكذا إلى يوم الدين.
تعليقات
إرسال تعليق
يسعدني أن تضع تعليقك هنا حتي أسمع صوتك بحق