بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا يخاف الكثيرون من إبداء تعليقاتهم على ما ينشره الآخرون؟ قد يرجع هذا إلي عدم اهتمام المتلقي بما يراه أو يستوعبه، الغريب في الأمر أن تقرأ مقالة أو تشاهد فيديو دون أن تبدي رأيك فيه، ليس معنى هذا أن تقبل دوما بما يردده بعض المدونين بأن تشترك وتعجب وتضغط علي الجرس باستمرار كي يصلك كل جديد خاص بهم، لكن أليس من الغريب أن يعجبك منشور ما ولا تقوم بأخذ رد فعل نحوه.`
كما أنه ليس الهدف مطلقا من هذا التفاعل دعوتك لتخطي الآداب بالحجة الكاذبة المشهورة أنها حرية التعبير، فقط لماذا كل هذا الكسل من أجل إبداء تعليق؟ لماذا لا تريد أن يكون لك رأي فيما يقدم لك؟ أفهم أن هناك اهتمامات خاصة بك وحدك تختلف فيها عن الاخرون، كما يمكن فهم أنك لست شخص متفاعلا على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير لكن ألا تعلق قط هذا يعد علامة استفهام كبيرة!
أتعرف لما يعد التعليق أمرا هاما؟ كي يعرف صانع المحتوى على أي أرض يقف، أن هناك من يسمعه ويتابعه ويطرح عليه مزيد من الأفكار لما يمكن أن يقدمه فمن ناحية يستطيع هو تطوير محتواه ومن ناحية أخري أنت كمتلقي تحصل على محتوى راقي ومتجدد، ويعود الأمر بالنفع لكلا الطرفين، ستقول أن هذا يظهر من عدد المشاهدات التي تم رصدها عن المحتوى، لكن من قال أن الأرقام كل شئ، صحيح أن الأرقام لا تخطئ ولا تكذب ولا تتجمل، لكن قيمة المحتوى لا تقاس بالأرقام وحدها بل بقدر التفاعل الذي حدث على المحتوى الذي قمت بنشره.
وعلى الوجه المقابل تجد أناس لا يعرفون أي عائق أمام نشر تعليقاتهم التي يرفضها أي منطق، ينشرون تعليقات لاذعة أو مسيئة مدعين أن هذا رأيهم وكل ما في الأمر أن ما قدم لهم استفز أسوأ ما فيهم وبدلا من التعامل معه بهدوء لحل الأمر قرروا أن يخرجوا غيظهم على من سبب ذلك سواء ما حدث كان بقصد أو بدون قصد، ففي كلا الحالتين لن يفرق الأمر مع من يريد أن يحمل الآخرين همه بدلا من التعامل معه ثم البحث عن المساعدة لاحقا.
من الصحيح أن ليس كل ما يقدمه صانعي المحتوى يكون على الوجه اللائق ولكن هذا ليس بعذر للمتلقين كي يسيئوا الأدب، بل عليهم أن يكونوا بمثابة رقابة مجتمعية على صانعي المحتوى، ليس بهدف تضييق النطاق عليهم أو الحد من حرية ابداعهم بل كي يتم توجيه رسالة واضحة ومفهومة أن حرية الإبداع لا تتعارض مطلقا مع الآداب والقيم والأخلاق والمثل العليا بل هما متممان لبعضهما البعض فلا يمكن أن يحدث الأول إلا في وجود الآخر.
ولا ننسى هنا أن من أسماء (الله) الحسني اسمه "البديع" عز وجل الذي أبدع كل شئ خلقه فهو "الخالق" الذي أتقن صنعه وجعله في أبهي صورة كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) سورة الحجر آية (16)، لذا فلنجعلها فرصة كي نتفاعل حقا ويكون لنا فكرنا الخاص مع كل ما يقدم لنا، هذه أفضل وسيلة التي تدل على احترامنا نحو أنفسنا والعالم بل والجميع.
تعليقات
إرسال تعليق
يسعدني أن تضع تعليقك هنا حتي أسمع صوتك بحق