بسم الله الرحمن الرحيم
هناك أشخاص ممن يملكون معلومات لها قيمتها وثقلها يفعلون شيئا غريبا لا يتفق مع مكانتهم العلمية والثقافية الجليلة وهذا الأمر ألا وهو أنهم يدعون الجهل ليس خوفاً من الحسد بقدر ما هي رغبة خفية في إبداء الجهل واستكشاف آراء الناس من حولهم عن ذلك خاصة عندما يتم توقع منهم عكس ذلك.
هناك أساتذة في جعلك تتوقع منهم أقل القليل، يجعلون توقعاتك عنهم منخفضة للغاية، حينئذ عندما يفعلون شيئا سيكون رائع أمام ما هو متوقع منهم ولكن أن تجد ذلك في أوساط المثقفين والمتعلمين أو من يدعون ذلك هذا أمر غريب، ما أعرفه هو أن كلما عرف الإنسان شيئا شعر بضآلته وسط هذا الكون الفسيح، وأن المثقف الحقيقي هو الذي يسعى أن يتعلم كل يوم شيء جديد لأنه يعي جيدا أن هناك أنواع متعددة من المعارف التي لا حصر لها في مقابل أن عمر الإنسان واحد وقصير ولا يستوعب معرفة كل شيء مهما حاول.
فأن تجد من يدعي بالكذب الجهل بمعلومة ما وهو يعلمها تمام العلم بل ويعلم على الأقل خمس معلومات مرتبطة بها لهو أمر مخزي، فتصور هذا الشخص عندما يبدي الجهل بأمر ما في الوقت المناسب له الذي خطط له بعناية، ثم فجأة يظهر معرفته بتلك المعلومات ويستعرض تلك المعلومات الإضافية المرتبطة بها، تصور من كنت تنتظر منه معلومة فأعطاك ستة إذا فهو حسب تفكيرك عالم إن لم يكن خبير.
إنها خطة مدروسة بذكاء إن لم يكن بمكر شديد، يشبهون في فعلتهم أولئك بائعو البضائع الذين يخزنون بضاعتهم إلى وقت يغلو فيه الأسعار وتصبح تلك البضائع شحيحة في السوق حينها فقط يخرجون سلعتهم ويبيعونها بأضعاف مضاعفة لسعرها الحقيقي فقط لكي يستغلون حاجة الناس وهم يعرفون جيدا أن الناس ليسوا كلهم سواء في قدرتهم على تلقي العلم، وإذا حاول البعض المقاطعة من أجل افهماهم سوء تصرفهم فالأغلب أن نتيجة ذلك بالنسبة لمن حاولوا أنهم لن يتحملوا هذا الضغط والعنجهية من مدعي الجهل و ينهارون سريعا غير مقتنعين بجدوى المقاطعة و يشترون البضاعة مهما غلا سعرها حتي لا يتم إلصاق تهمة الجهل بهم مدى الحياة.
هؤلاء مدعي الثقافة يفعلون ذلك ويتعاملون مع معرفتهم وكأنها كالبضاعة يخرجونها لمن يدفع أكثر لأنهم فطنوا أننا في زمن يتصارع فيه الجهل مع المعرفة بأشرس الطرق، فالمعركة معركة بقاء من يذهب في حاله دون رجعة ومن يستمر دوما؟ ولكن الأمر الأكيد أن هذه المعركة ستدوم لوقتا طويلا ذلك أن الخصمين قويين بما فيه الكفاية كي يحدث ذلك وقد لا نعرف النتيجة أبدا.
صحيح أنه على الإنسان أن يعرف مع من يتحدث وأن يخاطب الناس على قدر عقولهم؟ وإن كان كلامك على مستوى المتحدث أم لا حتى لا يُضرب بكلامك عرض الحائط؟ وهل هناك من رغبة في تنوير الناس أم ستكون ملقاة على الأرض؟ ولكن بالمقابل ليس على المثقف الحقيقي اللعب بالبيضة والحجر، لا تليق بك يا رجل!
ماذا تركت للجاهل الحقيقي عندما يراك ترتدي ثوبه كالذئب الذي يرتدي ثياب حمل مقتنع أن الكل حملان! وعندما يحين الوقت ويظهر الذئب على حقيقته حينئذ سيسود ويحكم ويفترس كل من تسول نفسه أن يواجهه، حتى يهابه الجميع.
المثقف الحقيقي ليس من يفهمه المثقف مثله فقط بل وكل من لديه رؤية حقيقة للحياة، الاتفاق الوحيد بين الشخص السابق والمثقف بحق، أن على الأخير اختيار الوقت والطريقة المناسبة لكل واحد حتى لا يبدو الأمر صعب الفهم على البعض أو يعد الأمر استخفاف بعقول الآخرين وتقليل من قدرتهم على الاستيعاب.
وشكرا جزيلا
رابط الموضوع السابق
تعليقات
إرسال تعليق
يسعدني أن تضع تعليقك هنا حتي أسمع صوتك بحق