بسم الله الرحمن الرحيم
لم يفهم بيتر ولا جودي ولا سارة أبطال الفيلم معني هذه الكلمات إلا عندما وجدا أن شعر غزير ينمو على يدي بيتر تمهيدا لتحويله إلى قرد، طبعا المفارقة هنا كان مقصود بها أوجه التشابه بين الإنسان والقرد في نظرية التطور التي تقول إن الإنسان ببساطة أصله قرد، وبعيد عن صدق هذه النظرية من عدمه الذي مازال يثير جدل واسعا في الأوساط العلمية حتى الآن ومحل بحث مستمر من العلماء حتى يجدا رد شافي على ما تم طرحه.
فما يهم الآن فيما قيل بأهم جملة من حوار الفيلم (أنه عقابا على قيامك بالغش في اللعب سيتم حرمانك من أكثر الصفات المميزة لك) جملة فارقة ومميزة بشدة لو تعلم، فلقد رأت اللعبة وهي الجماد بعينه أن أكثر ما يميز الإنسان أنه إنسان، وأن يتمتع المرء بصفات الإنسانية وحرمانه من هذا الأمر لهو أشد عقاب عليه من أي عقاب قد يتم إنزاله به أو قد يقع عليه يوما.
تذكر هذا وأنت تشاهد الناس من حولك يتجردون من إنسانيتهم مستخدمين الغش دون عقاب ولا حرمان ودون أن يغمض لهم جفن، بل هم من يسعون إلى ذلك سعيا، وكأن روحهم فيه، أناس يرون أن الإنسانية تمثل عبئ ثقيل عليهم وكيف لا؟ وهي في نظرهم تمنعهم أن يكونوا كما أرادوا هم أن يكونوا ليس كما أرادهم (الله) سبحانه وتعالى أن يكونوا. ليس هناك تعارض بين الأمرين ولكن طالما اجتمعت أهواء الإنسان في الأمر لا يرى إلا نفسه وما يشتهيه فقط أولاً وقبل كل شيء.
فمن المستهجن أن يكرمك (الله) عز وجل على سائر المخلوقات بكونك إنسانا فتقوم بالتنازل أنت طواعية من نفسك عن إنسانيتك وتفردك الخاص من أجل اللهاث وراء مصلحتك الخاصة.
الفكرة ليست فيما ستصبح إذا ما خسرت إنسانيتك لأن كل الأمور تتساوى وقتها، بل في أنك لم تفهم مطلقا أن حرمانك من إنسانيتك هي الخسارة الأكبر على الإطلاق، فهناك نعم كثيرة تفوتك، بالمناسبة من طباع الإنسان أي أن الصفات الموجودة في الإنسان إذا أراد أن يقومها أصبح من أفضل الناس أما إذا أراد أن يتركها تتحكم فيه فتخسره هويته الذاتية (*)(من كتاب روح التسامح: لجنة التأليف مؤسسة البلاغ، سلسلة ثقافة شبابية رقم 7، موقع البلاغ ).
ولنتحدث عن معنى أن تتجرد من إنسانيتك معناه أن تنسي أن للآخر حقوق مثلك تماما، أن تظن أن بوسعك تجاهل تلك الحقيقة لتحقق مصلحتك الشخصية على حساب الآخرين، أن تعرف في الأساس أن الأمر ليس من حقك وتمضي في هذا الطريق، أن ترى إنسان في حاجة إلى المساعدة أمامك وفي وسعك أن تساعده و لكنك لن تفعل بالرغم من ذلك لأنك ترى لقصر نظرك أنك لن تستفيد شيء مما وراء حدوث الأمر، أن تشاهد الظلم يحدث أمامك وأن تظلم الأخر فقط لأنك تظن أنك قادر على استغلال احتياج الآخرين لشيء ومساومتهم وابتزازهم بشتى الطرق من أجل حاجتهم.
الغريب في الأمر أنك يا مسكين أول من تصرخ طلبا للمساعدة عندما يحدث لك شيء وتجد الأبواب تغلق أمامك لأنك لم تفكر أن تفتحها وما اهتممت لهذا من الأساس والآن تستجدي المساعدة ولا تجدها (كما تدين تدان) ولكن لابد بأمر (الله) أن يبعث لك من يعرفك أن ليس كل الناس مثلك، هناك من يعطون حتى إن لم يأخذوا منك سوي الإساءة لأن من يفعل لوجه (الله) لا ينتظر من الناس الجزاء كما قال "ربنا" تعالى في كتابه الكريم (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا) سورة الإنسان آية (9) ليعلمك ذلك درساً وإلى (الله) "جل جلاله" ترجع الأمور.
لذا... تمسك بإنسانيتك.
شكرا جزيلا
رابط الموضوع السابق
تعليقات
إرسال تعليق
يسعدني أن تضع تعليقك هنا حتي أسمع صوتك بحق