بسم الله الرحمن الرحيم
ألا تضايقك كثرة الصور التي تندرج تحت مسمى (قبل وبعد) بحيث تلاحقك طيلة النهار في كل مكان من حولك، يتم الإعلان عن منتج جديد فلابد حينئذ من إدراج صور قبل وبعد، أي إنسان يصبح فجأة من المشاهير تنتشر سريعا صور له قبل وبعد وبخاصة إذا كان هذا التغيير بفعل عمليات التجميل وستكون نتيجة الوضع بلا رحمة، السؤال هنا هو ما الهدف؟ وما الغاية من نشر تلك الصور وبكثرة دون وجود مبرر حقيقي لها؟
فمن الواضح أن تلك الصور تلقي رواجا وإقبالا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، والشئ العجيب هو عندما تعرف أن أكثر الناس اهتماما بالصور من تلك النوعية المتعلقة بالمشاهير هم اكثر الناس اعجابا بهؤلاء الأشخاص!! كيف تكون معجب بشخص وأنت على وشك الاستعداد بل والتحفز كي تستمع بتشويه صورته والبقاء متفرج إن لم تكن مشارك في الأمر بنشر هذه الصور على صفحاتك الشخصية! ما أعرفه حقا هو أن سر إعجابك بشخص ما ينبع من اقتناعك به وبشخصيته والأهم أنك تكن له الاحترام والتقدير، أنت بهذا تناقض نفسك.
بالمقابل، فعلي الرغم من أن المشاهير يعلمون جيدا بأن أغلب الناس أصبحوا على وعي بالخدع البصرية وعن عجائب (الفوتوشوب)، إذن لماذا يسمحون بأن يقعوا ضحية سهلة لمن ينتقدهم أو يسخر منهم أو حتي من يتنمر عليهم، فلست أبرر مطلقا التصرفات السلبية أي كانت، الأمر وما فيه أنه عندما يعلم المتابعين بأن مشاهيرهم ليسوا في الحقيقة بهذه الصورة التي يظهرون عليها يشعرون حينئذ بأنهم تعرضوا للخديعة، وما يثير حنقهم فعلًا أن عليهم الانبهار بما هو ليس حقيقي.
وما يتسبب في حدوث هذه الجلبة هي المبالغة بهذا الأمر، فكم يغالي أصحاب الشأن في تلك الصور، كم هو حجم المبالغة والفارق الكبير بين قبل وبعد، الأمر لا يحتاج أكثر من أن تجعل صورة (قبل) بشعة قمة في البشاعة، أسفة علي اللفظ، حينئذ عندما تضع صورة (بعد) لن تهتم كثيرا بما قبلها لأنك ستري التغيير بين الصورتين بشكل رائع بل أكثر من رائع تدري لماذا؟ ليس لأنها تُظهر جمال الشخص مطلقا بل لأنها تُخفي العيوب الموجودة في ملامح وجهه ومظهره عمومًا، كما يُخفي الظلام بضوء شديد القوى يجعلك لا تركز النظر ولا تنتبه إلى التفاصيل بل يجعلك لا ترى شىء بالمرة.
ولكن أليس للمتابعين دورا فيما يحدث؟ فالإجابة هي نعم لهم دور بل دور رئيس، فعندما يفضل المتابع أن يصدق بأن هناك ناس يحصلون علي كلّما أراده هو ما دام هذا الأمر في ظاهره حقيقي وذلك حتى يسرح بخياله ويحلم بأنه يوما سيصير مثلهم ليكتشف بعد ذلك أن حال أولئك الناس أسوأ من حاله هذا ما لا يمكنه تحمله، ولكن الخطأ على من صدق ولم يرضى بقدره، على من غالط نفسه وهو في داخله يعلم أن الأمر برمته كذبة، فما العيب في أن نكون بشر؟ لنا ما لنا وعلينا ما علينا وكل إنسان وشأنه.
أنت تعرف أن الأمر برمته غير حقيقي ولكنك تفضل أن تبني قصر في الوهم عن بناء كوخ في الواقع إذا كان هذا اختيارك فأنت حر لكن على كل إنسان أن يعرف جيدا ماذا يفعل؟ و عواقب أفعاله إلى أي حد تقف؟ خاصة أنه أول شخص إن لم يكن الوحيد الذي سيتحمل تبعات الموقف ومسئولية إصلاحه تقع عليه بمفرده.
وتذكر إذا أردت يوما أن تري الحقيقة فسوف تتجلى إليك بوضوح تام.
تعليقات
إرسال تعليق
يسعدني أن تضع تعليقك هنا حتي أسمع صوتك بحق