الأنامالية
الأناملية (أنا مالي) ليست إحترام لحدود الإنسان كما يصورها البعض بل هي تعني أنك لا تأبه لغيرك أو إلي ما يحدث معه، وعندما يعتني شخص ما بنفسه لا يمتلك هذه الصفة، فمن لا يعبأ بالآخر، الآخر لا يعبأ به بدوره، فيتصاعد الأمر من جانبك فلا تعبأ للعالم من حولك فيرد لك العالم بأن يخرجك من بؤرة الضوء، فتصير لا تعبأ لأي شئ حتي لنفسك.
فما يكون الأمر بين التدخل في شئون الآخرين وأن تقول كلمة حق في موقف لا ينفع غض الطرف عنه؟ هذا السؤال يجب الإجابة عنه بشكل واضح ومحدد حتى يمحو اللبس من أذهان الناس، ذلك لأنه في عصر زادت فيه الأنامالية يظهر الكثيرون تصرفهم بأن هذا شأن الآخرين وأي تدخل منهم سيصبح بمنزلة تخطي حقوقهم الشخصية، إذا كيف تعرف أنك متعد على حرية الآخر؟ وبالمقابل كيف تعرف أنك لست (العياذ بالله) ترفض أن تقل كلمة حق وقت ما يلزم الأمر ذلك.
فمن الصحيح أن التدخل في شئون الآخرين هو تصرف خاطئ ولكن يوجد أمور لا تستطع فيها الإلتزام بالصمت والاكتفاء بالمشاهدة، لا يكون أن تقبل أن يحدث هذا أمامك ويعلل الفاعل ذلك الأمر أنك لم تفعل شيئاً، تقول لنفسك ليس من حقك أن تتدخل ولكن من داخلك يقول لك غير ذلك، أن تقول كلمة حق يجب أن تظهر الصدق حتى إذا سيجعل ذلك الآخرين يتركونك فقد يرفضوا تصرفك ولكنهم سيحترمونك بداخلهم في نهاية المطاف لأنك وقت إحقاق الحق قلت كلمة حق حتى على حساب نفسك.
قد لا يتفهم الآخرون أنك لم تتخطي الأمر لم ترضى بالهوان لنفسك أو لغيرك ولكنك تعرف جيداً أنه كان يجب القيام بأمر ما وأنت لم تفعل ذلك خَشْيَة من الناس (وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ) "سورة الأحزاب آية ٣٧"، والمفارقة في الموضوع تأتي عندما تكتشف أن من تدخلت لأجله غير شاكر لك وقد لا يتخذ موقفك بل موقف الآخرين ضدك ويقول لك أنه لم يطلب أحد منك التدخل، بل أنك تدخلت من أجل نفسك لا من أجلهم، بالمناسبة هذا الأمر صحيح، ولديهم بعض من الحق في هذا، فأنت تدخلت لنفسك أولا ومن أجل إراحتك وهل هذا بالأمر الهين ؟ مع أن ما أقوله قد يؤلمك لكنه صادق؟
فقد يكون عدم ترحيب الآخر بتدخلك في الموقف من باب إختبار (الله) ذو الجلال والإكرام لك، هل تفعل ذلك لأجله أم تفعله أمام الناس لكي يقدرونك، فالشخص الذي يدعي فعل الخير إذا ما شعر أنه في موقف ضد طرف آخر من النوع العنيف يحرص علي ألا يتدخل معه فلذلك لا يأخذ طرف الحق بل يأخذ طرفه حتى يأمن شره، وهذا أكبر من عدم التدخل نفسه، فلا ننسى قول الرسول "صلى الله عليه وسلم" (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) فلما قاله النبي ﷺ قالوا: يا رسول الله! كيف أنصره ظالمًا؟ قال: تحجزه عن الظلم فذلك نصرك إياه.
لذا أقول .. كلمة الحق هي التي تقولها حتى إذا كانت في غير صالح من تحب أو في صالح من تبغضه أو في غير صالحك أنت، وتيقن أنه كما ستنصف إنسان بقول كلمة حق عنه دون أي داعي من وراءه غير إحقاق الحق، ستجد من دون لا تدري من يسخره (الله) عز وجل لك لنفس الحال دون أن يوجد معرفة بينكم (وكما تدين تدان).
وتذكر ... أنت هو صاحب القرار.
*********************************
شكراً جزيلاً






تعليقات
إرسال تعليق
يسعدني أن تضع تعليقك هنا حتي أسمع صوتك